تعتبر إدارة الموارد البشرية كوظيفة متخصصة في مجال إدارة القوى البشرية،جديدة الظهور في ميدان الأعمال نظراً لتطور مفهوم الفرد وكيفية التعاطي معه،حيث ترسخت الحاجة إلى اعتماد هذه الإدارة في الهياكل التنظيمية للمنظمات الاقتصادية في العصر الحديث.
هذا وقبل نضوج وظيفة إدارة الأفراد تطورت النظرة إليها وفقاً للمراحل التالية:
1-الاهتمام بالإنتاج وزيادته من جهة مع وجود نقص في القوى البشرية من جهة أخرى.
2-التطبيق السيء لمبادئ الإدارة العلمية
3-تفرع الإدارة العليا للإنتاج ومشاكله
4-ظهور المدارس المختلفة التي ركزت على العلاقات الإنسانية،المعنويات والدافعية.
5-ظهور النقابات العمالية ودورها في الدفاع عن مصالح الموارد البشرية وصيانة مصالحهم
6-تدخل الدولة عن طريق إصدار القوانين لرسم العلاقات بين الموارد البشرية وأرباب العمل
7-التطور التكنولوجي ومتطلبات الموارد البشرية لمواجهة هذا التطور.
8-التطور الذاتي للمنظمات الاقتصادية وانعكاسه على جميع الموارد البشرية.
9-تطبيق مبدأ الكفاءة الإنتاجية عن طريق الاستخدام الأمثل لعناصر الإنتاج.
10-زيادة وعي ثقافة الموارد البشرية في المنظمات المعاصرة وانعكاس ذلك على تطلعاتهم الحالية والمستقبلية
11-نشوء جماعات العمل وتعاظم أهميتها في جذب الأفراد داخل التنظيم،ولما لتأثيرها من نتائج قد تكون إيجابية أم سلبية.
إن تحليل المراحل السابقة،ليعطي دلالة واضحة على تطور وتغيير جذري في النظرة إلى وظيفة إدارة الأفراد ما بين الأمس واليوم،ولكن مع عدم التقليل من أهمية ظواهر كل مرحلة يبقى الفرد أو العنصر البشري أو الإنسان هو المتغير الأساسي الذي قلب موازين هذه النظرة،وللدلالة على ذلك لا بد من تحليل بسيط لكافة عناصر الإنتاج.
عناصر الإنتاج:
للدلالة على أهمية العنصر البشري في العملية الإنتاجية لا بد من تحليل هذه العناصر والتي تتكون من:
الموارد المالية
الآلات والمعدات
المواد الخام
الوقت
الموارد البشرية
الموارد المالية:ويقصد بها كافة الأموال التي تستثمرها المنظمة طوال بقائها في السوق،ولكن من يتولى استخدام هذه الأموال بكفاءة وفاعلية؟
الآلات والمعدات:وهي كافة الآلات والمعدات المستخدمة في العملية الإنتاجية،ولكن من يتولى استخدام هذه المعدات والآلات بكفاءة وفاعلية؟
المواد الخام:وهي المواد الخام المستخدمة في الإنتاج وقد تكون مادة خام،مادة نصف مصنعة أو مادة مصنعة،ولكن من يتولى استخدام هذه المواد بكفاءة وفاعلية؟
الوقت:إن عنصر الوقت هو العنصر الإنتاجي الوحيد الموزع بعدالة بين البشر غير العناصر الإنتاجية السابقة،ومع ذلك كيف ومن يستخدم هذا العنصر بكفاءة وفاعلية؟؟
إن العنصر البشري هو العنصر الوحيد القادر على حسن استخدام هذه العناصر الإنتاجية المتاحة بالكفاءة والفاعلية المطلوبين.
وبالتالي فإن كفاءة أداء هذا العنصر يعكس بالنتيجة كفاءة الأداء التنظيمي للمنظمة.
لذا فإن الاهتمام بهذا العنصر في العصر الحديث،قد أدى إلى تطور المفاهيم المتعلقة بإدارة الأفراد من حيث دورها واختصاصها في المنظمات الاقتصادية المعاصرة والانتقال من الدور التقليدي الذي يتولى:
1-القيام بالإجراءات المتعلقة بالتعاقد مع الموارد البشرية حسب توجيهات متخذي القرارات في المنظمة.
2-اتخاذ الإجراءات التنفيذية والخاصة بتسجيل حضور وغياب الموارد البشرية
3-القيام بالإجراءات المتعلقة بصرف المستحقات
4-إمساك السجلات والملفات الخاصة ببيانات الموارد البشرية
5-متابعة شؤون الإجازات والعلاج والنقل..الخ.
إلى دور حديث يقوم على التخصص في إدارة الموارد البشرية بهدف بناء هياكل تنظيمية،يكون فيها الفرد الدعامة الأساسية للأداء والكفاءة الإنتاجية،أما مقومات هذا الدور فهي الإجابة على التساؤلات التالية:
1-كيف تستطيع المنظمة توفير الأفراد اللازمين والاحتفاظ بهم؟
2-ما هي أفضل الطرق والمصادر للبحث عن الأفراد واستقطابهم للعمل في المنظمة؟
3-ما هي أفضل الطرق لتحديد دفع الرواتب والمكافآت والحوافز؟
4-كيف يمكن تدريب الموارد البشرية وإعدادهم وترقيتهم؟
5-ما هي اتجاهات الموارد البشرية بالنسبة للمنظمة ولمناخ العمل وكيف يمكن تسخيرها لصالح المنظمة؟
6-ما هي الالتزامات القانونية والضمانات التي يحددها القانون في علاقة الفرد(الموظف)بالمنظمة؟
بعد هذا التحول في الرؤية لوظيفة إدارة الأفراد باعتبارها إحدى أهم الإدارات في المنظمات الحديثة فإنه يمكن تعريفها بأنها:"النشاط الإداري المتعلق بتحديد احتياجات المنظمة من الموارد البشرية وتوفيرها بالإعداد والكفاءات المحددة وتنسيق الاستفادة منها بأعلى كفاءة وفعالية ممكنة".
أهداف إدارة الأفراد:
يتلخص الهدف الرئيسي لإدارة الأفراد في"تكوين قوة عمل مستقرة وفعالة،أي مجموعة من القوى البشرية القادرة على العمل والراغبة فيه،تشكل قوة الدفع الأساسية للمنظمة في الوقت الحاضر وفي المستقبل"من هذا الهدف الشامل لإدارة الأفراد نوجز
الأهداف الفرعية التالية:
تكوين قوة عمل مستقرة ومنتجة
تنمية الموارد البشرية وتطوير أدائها.
تعويض أفراد الموارد البشرية عن جهودهم مادياً ومعنوياً
صيانة الموارد البشرية والمحافظة على سلامتها ومستوى مهارتها في الأداء
المحافظة على الموارد البشرية المدربة ذات الكفاءة،وتأمين مساهمتها المستمرة في إنجاح أهداف المنظمة.
بناء على ما تقدم،إن تحقيق هيكل أهداف المنظمة في العصر الحديث،يتوقف بالدرجة الأولى على الرؤية الواضحة لظروفها وللبيئة التي نعمل في إطارها،وتتوقف بالدرجة الثانية على التحديد الواضح لدور إدارة الأفراد في هياكلها التنظيمية،الذي يعكس أهدافها وسياساتها من خلال تحسين وتطوير أداء القوى البشرية فيها وبالتالي الأداء العام للهياكل التنظيمية.
موقع إدارة الأفراد من الإدارة كعملية
لمنظمات الأعمال مجموعة من الركائز تشكل في تكاملها وتفاعلها المسار الطبيعي لها،فإما الانكماش المؤقت،ومن ثم التصفية وإما الديناميكية والنمو،وهذه الركائز هي:
1-الوظائف الإدارية
2-العمليات الإدارية
3-اتخاذ القرارات وحل المشكلات
1-الوظائف الإدارية:وهي وظائف التخطيط،التنظيم،التوجيه والرقابة،هذه الوظائف يتم ممارستها من قبل كافة أعضاء التنظيم أيا كانت مواقعهم في الهيكل التنظيمي.
2-العمليات الإدارية:وهي مجموعة الأنشطة الأساسية اللازمة لتحويل واستخدام كافة عناصر الإنتاج المتاحة إلى سلعة أو خدمة وذلك وفقاً لطبيعة نشاط المنظمة.
3-اتخاذ القرارات وحل المشكلات:وهي العملية التي بمقتضاها يتم مواجهة كافة المواقف التي تستدعي تحليل ما للوصول إلى حلول عن طريق عملية اتخاذ القرارات.
من جهة أخرى لا تتوقف ديناميكية ونمو المنظمة على تكامل وتفاعل هذه الركائز،إنما يمتد هذا التكامل ليشمل التفاعل مع البيئة الخارجية للمنظمة،لما تشكله هذه الأخيرة من تأثير مباشر على مكونات البيئة الداخلية،للمنظمة ويستمر هذا التفاعل والتأثير باتجاهين طوال بقاء منظمات الأعمال،هذا وتتكون البيئة الخارجية من:
ـ البيئة السياسية
ـ البيئة الاقتصادية
ـ البيئة الاجتماعية والثقافية
ـ البيئة القانونية
ـ البيئة التكنولوجية
من جهة أخرى أدى الاتجاه تحو التخصص وتقسيم العمل في منظمات الأعمال،إلى بروز أهمية العنصر البشري المتخصص في مجال العمليات المتعددة،فتنوعت الاختصاصات والمهارات اللازمة لتشغيل واستخدام عناصر الإنتاج وفقاً لاحتياجات العمليات،مع الأخذ في الاعتبار اختلاف التخصصات والمهارات من مستوى إداري إلى مستوى آخر.
بناء على ما تقدم يتوقف نجاح الإدارة على تكامل المكونات والركائز السابقة في علاقاتها التبادلية،وأيضاً في علاقاتها مع البيئة الخارجية،لتشكل في النهاية البعد الحقيقي للعملية الإدارية .
ويتضح من النظرة إلى الإدارة كعملية في أبعادها السابقة إلى موقع إدارة الأفراد كإحدى العمليات الأساسية في المنظمة مما يستوجب معه النظر إليها كعملية تتكون من مجموعة من الأنشطة الأساسية والفرعية يمارس من يديرها كافة الوظائف الإدارية من تخطيط،تنظيم ،توجيه،رقابة وأيضا اتخاذ القرارات في إطار من التأثير المتبادل ما بين هذه الإدارة وبين البيئتين الداخلية والخارجية.
إدارة الأفراد والعلاقات الإنسانية:
مع نمو المنظمات الاقتصادية في العصر الحديث،والتوسع في تطبيق مبدأ التخصص في تطبيق الأنشطة والوظائف،ومع ظهور التنظيمات العمالية،توسع مفهوم إدارة الأفراد ليشمل الاهتمام بمعنويات الموارد البشرية،حيث اصبح ضمن أهدافها الأساسية تحليل دوافع الفرد وتحديد احتياجاته الأساسية والاهتمام بالعلاقات الإنسانية عن طريق تفهم الجوانب الإنسانية لكافة أفراد التنظيم.
فالعلاقات الإنسانية توجد حيث يوجد أفراد يتعاونون في العمل سعياً وراء أهداف مشتركة،لذا تعتبر مشكلات العلاقات الإنسانية من أهم مشكلات الإدارة المعاصرة.
ولقد كانت تجارب ألتون مايو والنتائج التي وصلت إليها نقطة تحول رئيسية في بدء الطريقة للعلاقات الإنسانية،حيث أنها النتائج النهائية لعلاقات الأفراد أثناء ممارسة وظائفهم لا بوصفهم أفراداً فحسب،بل في وصفه أعضاء في جماعات تؤدي وظائف محددة،وبالتالي لم يتحقق الأداء المطلوب إلا إذا كان هناك تعاون حيوي بين أعضاء الجماعة والإدارة في جو إنساني.
ويطلق لفظ العلاقات الإنسانية على ذلك التداخل الذي يتم بين أفراد وهم في شكل مجموعات،لذا فإن النظرة لموضوع مناقشة العلاقات الإنسانية في محيط العمل كونها ذلك الميدان في الإدارة الذي يهدف إلى التكامل بين الأفراد في محيط العمل بالشكل الذي يدفعهم ويحفزهم إلى الأداء بإنتاجية،مع حصولهم على إشباع حاجاتهم الطبيعية والنفسية والاجتماعية،ومن هنا يمكننا أن نعرف العلاقات الإنسانية بأنها الناتج العام للموقف الاجتماعي الذي يوجد فيه الفرد مع جماعات العمل لتحقيق هدف مشترك.
ولمعرفة طبيعة العلاقات الإنسانية لا بد من تحليل وفهم واضح للفرد ولاتجاهاته داخل المنظمة،وبالتالي فإن هذه المعرفة يجب أن تبنى على:
1-أن الفرد لا يستطيع أن يعمل ويعيش بمعزل عن الآخرين،بل في جماعات عمل،وبالتالي فإن السلوك الإنساني هو سلوك اجتماعي.
2-إن الفرد هو عضو في جماعات عمل مختلفة داخل المنظمة،وبالتالي تنشأ بينه وبين هذه الجماعات علاقات من نوع خاص حسب طبيعة واتجاهات هذه الجماعات وأهدافها.
لذا فالدور الحقيقي لإدارة الأفراد في فهمها للعلاقات الإنسانية هو العمل الجاد لتهيئة مناخ تنظيمي يتيح خلق وتنمية العلاقات الإنسانية في المنظمة،ولا سبيل لها في ذلك سوى تحديدها للمفاهيم وللمقومات السلوكية التي بواسطتها يمكن السيطرة إلى حد كبير على سلوك وأداء الأفراد داخل التنظيم.
إدارة الأفراد والروح المعنوية:
تعتبر علوم النفس وأهمها الصناعي والتجاري من أحدث العلوم التي أثرت بشكل واضح،واحتلت مكانة رفيعة لما تقدمه من عون كبير في تحديد وتحليل المشكلات الإنسانية،وفي معرفة اتجاهات الأفراد وحقيقة سلوكهم.
والروح المعنوية في الصناعة تعتبر أحد الموضوعات الهامة التي يعالجها علم النفس الصناعي،والتي نالت القدر الكبير من العناية من جانب رجال الإدارة وعلماء النفس في الدول المتقدمة.
ويرجع اهتمام إدارة الأفراد بالتحديد بموضوع الروح المعنوية لضمان فعالية أداء كافة أفراد التنظيم في تحقيق هيكل أهداف المنظمة،ولا شك أن رفع الروح المعنوية لأفراد التنظيم يؤدي بالضرورة إلى ضمان التوافق والتعاون في ممارسة وظائفهم،وبالتالي تعاونهم مع الآخرين لتحقيق الكفاءة للأداء التنظيمي.
تعريف الروح المعنوية:
يدل مصطلح الروح المعنوية على حالة غير ملموسة يحيطها الغموض،لذا من الصعب وضع تعريف دقيق وشامل مما سبب كثيراً من الارتباك والحيرة لبعض الباحثين في تحديد تعريف واضح أو تسمية صحيحة،لذا فقد عرف البعض الروح المعنوية العالية:بأنها الرغبة عند الفرد في أن يكرس وقته وجهد من أجل تحقيق أهداف المنظمة،كما عرفت بأنها التزام أدبي من قبل الفرد لبذل الجهد اللازم لتأييد سياسات المنظمة وتحقيق أهدافها.
لا شك أن الفرد ملزم بأداء عمله بطريقة مرضية في مقابل حصوله على الاجر،كما أن رب العمل ملزم أدبياً بدفع الأجر المجزي له وبأن يحسن معاملته،ولكن من جهة أخرى ليس من المسلم به دائماً أن نعتبر الروح المعنوية واجباً أو التزاماً من الفرد يستطيع أن يكرس الوقت والجهد المطلوبين كعوامل وشواهد على الروح المعنوية العالية إلا أنه بالرغم من ذلك تظل روحه المعنوية منخفضة.
ويقصد بالروح المعنوية في العمل أو في المنظمات الاقتصادية ذلك الاستعداد الوجداني الذي يساعد الفرد على زيادة الإنتاج وإجادته دون أن يعتريه مزيد من الإجهاد والتعب،إنه ذلك الاستعداد الذي يهيئ للفرد الإقبال بحماس على التعاون و ويجعله اقل استعداداً للميل مع المؤثرات الخارجية وخاصة تلك التي تقوم على الزعم بأن هم المنظمة الأوحد ثم أن تأخذ من الفرد أقصى ما تستطيع من جهد وتعطيه اقل ما يجب من مقابل.
والروح المعنوية صفة جماعية،كما هي صفة فردية،غذ هي تمثل مجموعة العلاقات الإنسانية والاتجاهات الجماعية للأفراد نحو عملهم ونحو علاقاتهم مع المستويات الإدارية التي يعملون معها وكذلك نحو مناخ العمل وظروفه.
لذا فإنه من الثابت أن الروح المعنوية هي عنصر ضروري وهام لتحقيق التعاون التام بين الإدارة والأفراد،كما وأن انخفاض الروح المعنوية أو ضعفها يعتبر عقبة كأداء في سبيل تحقيق ذلك التعاون،هذا وتدل الشواهد دلالة واضحة على أنه كلما ارتفعت روح الأفراد المعنوية في العمل كلما أدى ذلك إلى زيادة كفايتهم الإنتاجية،وأن رغبة الفرد في استخدام كل ما لديه من قدرات في أداء عمله أصبحت من العوامل الهامة التي تحدد كفايته الإنتاجية في ذلك العمل،إلا أنه يندر أن يوجد من بين الأفراد من يستخدم كل قدراته في عمله،ومن ثم كان من المتعذر اعتبار إنتاج الفرد محدداً لقدرته على العمل فهو في العادة لا يبذل من الجهد إلا ما يعتبره كافياً للاحتفاظ بعمله والاستحواذ على رضا زملائه ورؤسائه أحياناً،ولتلافي أمر انخفاض أجره،من أجل هذا بدأت المنظمات الحديثة تعمل على استخدام الوسائل والطرق التي تساعد على زيادة الرغبة في العمل،وتعتبر الروح المعنوية العالية هي إحدى هذه الوسائل الرئيسية.
محددات الروح المعنوية:
للروح المعنوية أربع محددات أساسية هي:
1-الشعور بالانتماء إلى الجماعة مع العمل على تحقيق تعاون هذه الجماعة
2-الحاجة لوجود هدف معين يتكاتف الافراد من أجل تحقيقه
3-أن يكون هناك تقدم ملموس نحو الوصول إلى الهدف
4-أن يؤدي الفرد عملاً ذا قيمة ونفع لبلوغ الهدف.
والواقع أن الأفراد في العمل يزيد ميلهم نحو تكوين مجموعة واحدة أو عدة مجموعات فرعية سواء علم بذلك رجال الإدارة أم لا،ومن الدلائل القوية أن جو العمل لا يصبح جواً مثالياً إلا إذا توافرت فيه حالة يتحقق فيها مستوى عال من الروح المعنوية متى انصهر الأفراد وأصحاب الأعمال أو ممثليهم في مجموعة واحدة،ولقد اصبح من العسير على إدارة الافراد أن تتجاهل أمر وجود الكيان الاجتماعي للأفراد في المنظمة،وإذا فعلت ذلك فهي إنما تتجاهل حقائق الأمور وبخاصة إذا أصرت على أن هؤلاء الافراد إنما يعملون من أجل الحصول على مقابل ما فقط.
طرق تنمية الروح المعنوية:
إن خلق الروح المعنوية لا يكون إلا باحتواء جو العمل المحيط بالفرد على الظروف المواتية لتنميتها.
والواقع أن لتحسين ظروف العمل الأثر الكبير في رفع معنويات الفرد،وبالتالي في التأثير على ما يدفع إدارة الأفراد إلى العناية بهذا الأمر بغية الإفادة من القدرات الكامنة لدى افراد التنظيم التي قد يعجزون عن استغلالها لسوء حالتهم أو عدم ملاءمة بيئة العمل لهم،وكذلك إلى ارضاء شعورهم بتهيئة الاستقرار النفسي لهم وتأمينهم في الشيخوخة عند العجز،وبإشراكهم في بعض نواحي الإدارة،وفتح مجال التمتع بمزايا مختلف الخدمات التي يمكن للمنظمة أن تقوم بتوفيرها لهم.
بالإضافة إلى ذلك وإلى العناية بأمر العناصر الطبيعية والنفسية المكونة للروح المعنوية-السابق بحثها-توجد عدة عوامل تعمل على تنمية هذه الروح بين الافراد في المنظمات الحديثة وهي:
-لا بد أن يشعر كل فرد بأن جهوده تكون دائماً موضع التقدير من قبل الإدارة.
-وجوب تهيئة فرص التعبير عن النفس لكل فرد في عمله وكذلك فرصة أداء العمل بدرجة من الإتقان تجعله يعتز بأدائه
-وجوب تحرر الفرد من القلق،ومما يساعده على ذلك شعوره بقدر معقول من الاطمئنان بالاحتفاظ بوظيفته.
-يجب أن يشعر الفرد بالمحبة نحو رئيسه المباشر،وأن يحس بعدالته وبعده عن محاباة أشخاص على حساب آخرين
-لا بد للفرد أن يجد في محيط عمله جواً اجتماعياً ممتعاً
فإذا ما تحققت هذه العوامل والشروط وترسخت في شعور أفراد التنظيم وأفكارهم،ارتفعت روحهم المعنوية وأصبح المناخ السائد مساعداً لفاعلية أداء أفراد التنظيم مما ينعكس بالضرورة على الاداء التنظيمي والكفاءة الإنتاجية.
السياسة الخاصة بالروح المعنوية Policy on Personnel Morale:
تسعى إدارة الأفراد إلى الحفاظ على مستوى الروح المعنوية العالية بين الأفراد وخلق أي سياسة تهدف إلى الاحتفاظ والارتفاع بمستوى تلك الروح المعنوية.
وهذه السياسات قد تتطلب القيام بدراسات دورية لاكتشاف مستويات واتجاهات الروح المعنوية،علماً أن بعض المديرين يعارضون القيام بدراسات وأبحاث دورية لاكتشاف مستويات واتجاهات الروح المعنوية،كما أن بعض المديرين يعارضون القيام بدراسة رسمية للروح المعنوية ويشككون في نتائج هذه الدراسات.
مظاهر الروح المعنوية السلبية:
من مؤشرات انخفاض الروح المعنوية-وكما سبق القول-التباطؤ والتوقف عن العمل والاستقالات وارتفاع نسبة الغياب والتأخير ومخالفة اللوائح،هذه كلها مجرد شواهد ومؤشرات تدل على القلق أو عدم استقرار الأداء،وهو ما يحتاج إلى دراسة نماذج منها بشكل منفصل نورده فيما يلي:
1-فقدان الإهتمام Lack of Interest:
إن عدم الاهتمام العالم بالعمل هو من أكثر العوامل التي تسبب عدم استقرار الأداء..وكثيراً ما يعبر ذلك عن التعب Fatigue والملل..الخ،وبذلك يدخل التعب والملل كعاملين من عوامل التأثير على الروح المعنوية.
2-دوران العمل Labor Turnover:
وهو من أقدم أشكال عدم استقرار الأداء،فإن استخدام الأفراد والاستغناء عنهم واحلال بعضهم محل البعض،يؤدي إلى عدم الاستقرار.
3-المظالم والشكاوى:
وهي في نفس الوقت مؤشر يدل على عدم الرضا ووسيلة للتقليل منه،والمظالم تمثل مواقف يشعر فيها الأفراد بعدم العدالة،فهي في هذه الحالة تعتبر مؤشراً مباشراً لانخفاض الروح المعنوية الفردية.
4-التوقف عن العمل Work Stoppage:
تعتبر الإضرابات أكثر مظاهر عدم الاستقرار في الإنتاج،وليس كل توقف عن العمل إضرابا،فهناك الاعتصام وهو عادة ما يكون مقدمة للإضراب.
5-الغياب Absenteeism:
يعتبر ازدياد معدل الغياب ظاهرة تستحق الدراسة كمظهر من مظاهر انخفاض الروح المعنوية،في الأحوال العادية يكون الغياب العادي هو ستة أيام في السنة بالنسبة للأفراد الذين يتقاضون أجورهم بالساعة،وبمثل ذلك نسبة3%،وهذا المعدل يتنوع بتنوع الصفات الشخصية ونوع العمل والصناعة والطقس،ولكن إذا زاد الغياب عن المعدل المتوقع،يتوجب على إدارة الأفراد دراسة الأسباب التي أدت إلى زيادة المعدل.
6-مشاكل النظام Disciplinary Problems :
إن كثرة هذه المشكلات تشير إلى انخفاض الروح المعنوية،ومرتكبي تلك المشكلات والمخالفات يبدون عصبيين ولا يشعرون بالتفاؤل تجاه المنظمة وقد يبدو أحياناً أن مخالفة التعليمات ناشئ عن عدم توجيه أو عدم المعرفة بهذه التعليمات،أو نقص الإشراف،ولكن الكثير منها يرجع إلى أسباب أكثر عمقاً من ذلك مثل سوء الاختيار أو النقل الخاطئ للفرد من وظيفة لأخرى.
وتتأثر معنويات الأفراد بالقواعد التنظيمية نفسها وبطريقة الالتزام بهذه القواعد،فبعض هذه القواعد غير مقبول منطقياً،وبعضها الآخر مجحف،وقد لا يكون الجزاء متناسباً مع الذنب
كما أن عدم دراية وكفاية الرؤساء في فرض التعليمات قد يؤدي إلى عدم الرضا بين العاملين.
7-تقييد الإنتاجRestriction of Production :
إن تعمد خفض الإنتاج هو دليل على شعور الأفراد بانخفاض الروح المعنوية بينهم،ومعنى تقييد الإنتاج هو أن ينتج الفرد كمية اقل مما يستطيع إنتاجه،وهم بذلك يضعون معدلات للإنتاج يلزمون زملائهم بها،وبذلك فهم يضعون قواعد تحول دون كفاءة العمل،ويمكن دراسة ذلك عن طريق مراجعة الإنتاج بين آن وآخر.
اعداد / فايز بيومى
كبير باحثين بوزارة القوى العاملة
مدرب الموارد البشرية